يعدُّ التاريخ الشفاهي مصدراً من المصادر المهمة التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار؛ فهي توضح وضع المجتمع، وكيف يرى أصحاب ذلك المجتمع أنفسهم، والصورة التي يرسمونها لأنفسهم أو يضعون أنفسهم داخل إطارها. ونستطيع القول بأن التاريخ الشفاهي يسد كثيراً من الثغرات التاريخية التي سكتت عنها المصادر، كما أنه يعطينا تاريخاً للجماعات أو القرى التي لم تتناولها المصادر التاريخية أساساً، أو أن ماورد بشأنها كان طفيفاً. وبدهي أن التاريخ الشفاهي لا يعنى بالترتيب الزمنى، للأحداث أو تسلسلها، فرواة التاريخ الشفاهي لم يحفلوا بالتحديد الزمنى، فهذا التاريخ يحكى عن أخبار جرى رأى الناس أنها مهمة دونما اهتمام بمتى حدث ذلك. فتلك المادة مع إخضاعها للبحث والنقد التاريخى، ووضعها في سياق بيئتها الاجتماعية والتاريخية والجغرافية، يمكن أن تسد بعض الفراغ التاريخى، وتفسر بعض الظواهر الاجتماعية التي سكتت عنها المصادر، أو بمعنى آخر تكسو العظام لحماً، فهي التي تعطينا صورة حية للماضى أو تجعل الماضى حياً ينبض أمامنا. ويجب ألا يغيب عن البال أن عملية قص أو حكى التاريخ تمثل إعادة الحياة لأفكار ومشاعر وتراث السامعين. فالتاريخ الشفاهي له نبض ودفء، وليس ببعيد عنا حلقات المتسامرين حول رواة السير وتلاعب الرواة بمشاعرهم، رغم أنها أحداث مضى عليها مئات السنين وسمعت عشرات المرات، فضلا عن أن أغلب هذه الأحداث من خيال الراوى وإبداعاته. ولكن لها سحراً يتبقى في القلوب ويلعب بالعقول. ويجب أن نشير إلي أن هناك طبقة راسخة من العادات والأفكار، ونسقاً ثابتاً من القيم – تتحكم وتوجه المسار التاريخى للأحداث، وإن كانت هذه الطبقة غير مرئية، ولكن على المؤرخ إدراكها بعيداً عن الإدراكات العقلانية. وبالإضافة إلي ذلك فعلى المؤرخ أن يكون واعياً ومدركاً للمضمون بحيث لا يقع في شباك الشكل أو حبائل التعبير.

كتب متخصصة في مجال الأدب الشعبي

مجالات أخرى متعلقة